للأشجار فوائدها وجمالها
1- تناقض ! : تقذفنا الآلات التي تستهلك الوقود الأحفوري بكميّات متزايدة من غاز ثاني أكسيد الكربون, أحد أهم المكونات الغازية لظاهرة (الدفيئة), وهي الظاهرة التي تسبب ما يتخوّف منه علماء المناخ, من ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض, بما يتبعه من عواقب, لا يعلم حجمها وتأثيرها إلا الله. وفي الوقت نفسه - ويا للتناقض - تتعرّض غابات عالمنا لأنشطة غير مسئولة, تؤدي إلى تقلُّص مساحاتها. وقد نتج عن اتحاد هذين العاملين أن ارتفع مستوى غاز ثاني أكسيد الكربون في غلافنا الجوي.
2 - ضاع النصف ! : هل تعرف كم دمرنا - نحن البشر - من ثرواتنا التي وهبنا الله لنا من الغابات ؟ نصف مساحاتها! ولكي أقرّب لك حجم الدمار, يكفي أن تعلم أن ما تم تدميره يوازي مساحة دولتين كبيرتين, هما إندونيسيا والمكسيك. الأكثر من ذلك - كما تقول إحصائيات وتقديرات البنك الدولي - أن ثلاثة أرباع المتبقي من غابات المناطق المعتدلة والغابات الاستوائية, واقع تحت التهديد بالزوال, لأن أعمال تدمير الأشجار وتعرية أراضي الغابات لا تزال مستمرة, برغم كل شيء !.
3 - كم تستهلك الشجرة الواحدة من ثاني أكسيد الكربون ؟ : إن الأشجار تخلصنا من غاز ثاني أكسيد الكربون, وهي لا تفعل ذلك بطريقة سالبة, كأن تعيده إلى التربة,مثلاً, ولكنها تأخذه لتصنع منه مواد كربوهيدراتية (نشويات) تختزنها في أنسجتها. وتختلف الكمية التي تمتصها الأشجار من ذلك الغاز المسبب لظاهرة الدفيئة, تبعاً لنوع الشجرة وعمرها. وبصفة عامة, فإن متوسط ما تستهلكه الشجرة الواحدة من ثاني أكسيد الكربون, لتبني رطلاً واحداً من أنسجتها الحية, يصل إلى رطل ونصف الرطل.
4 - الأشجار.. محطة رئيسية في حركة دوران الماء ! : الأشجار تعرق.. نعم.. إنها تتخلّص من الماء, في هيئته البخارية, فيمايعرف بعملية (النتح), فيخرج بخار الماء من خلال ثقوب مجهرية منتشرة على أسطح الأوراق. صحيح أن كل ورقة (تنتح) بضع نقاط من الماء في اليوم الواحد, ولكن مجمل ما تنتجه أشجار الأرض ونباتاتها من بخار الماء يتجمّع في الغلاف الجوي, ويمثل جزءاً مهماً من المحتوى المائي للأرض, ويدخل في الدورة التي تتحرّك بها المياه على سطح الكرة الأرضية, وتنتقل من موقع لآخر, ومن هيئة لأخرى.
والجدير بالذكر, أن شجرة واحدة, طولها مائة قدم, يمكنها أن تسحب من التربة, في موسم نموّ واحد, ما مقداره (11) ألف جالون من الماء, تستهلكها في عملياتها الحيوية, على مدار الموسم. إن الماء يتحلل في ذلك المصنع النباتي فائق الكفاءة (الأوراق النباتية), ضمن خطوات عملية التمثيل الضوئي, فيعطي غازين: الهيدروجين, الذي هو الأساس لبناء جزيئات المادة النشوية, والغاز الثاني هو الأكسجين, الذي تطلقه الأوراق, غير ثغورها, ليسهم في إنعاش كل صور الحياة على سطح الأرض.
وبالإضافة إلى ذلك, تنتج عملية التمثيل الضوئي كميات كبيرة من بخار الماء, تتخلّص منها الورقة من خلال ثغورها, لتعود فتدور مع رصيد الأرض من المياه.
5 - الأشجار دروع لنا ! : إن منافع الأشجار, كما نرى, متعددة.. إنها (رئات) لكل كائنات الأرض الحية, وهي المصنع الرئيس للمركبات النشوية, أساس الهرم الغذائي على سطح أرضنا, وهي - أرضنا - الملجأ الظليل الذي يحمينا من حرارة الشمس اللاهبة, وهي أحد العوامل المنظّمة والعاملة على استقرار أحوال المناخ الأرضي, وأخيراً, وليس آخراً, هي مكوّن جمالي لا ينكره أحد من سكان الأرض.
هل نسينا شيئاً ؟
نعم.. سل المزارعين عن فائدة إضافية للأشجار, يخبروك أنها درعهم ضد نشاط الرياح, فهي تصدّ الرياح, فتحمي محاصيلهم, فلا تقتلعها أو تطمرها الرياح العاصفة, كما أن جذورها الضاربة في باطن الأرض, لعدة أمتار, تعمل على تثبيت التربة, فلا تجرفها الرياح الزاحفة فوقها. إن سياجا محكماً من الأشجار, يحيط بمزرعـــتك, يمكن أن يقلل سرعة الرياح - وبالتالي طاقتها التدميرية - بنسبة تتراوح بين 25 و75 في المائة